في مقال نشر في صحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية، قدم الخبير الفرنسي المتخصص في الشؤون الروسية، جوليان فيركويل، تقييمًا لمغامرة “أمير الحرب” الروسي، يفغيني بريغوجين، الذي أدهش العالم. وأشار فيركويل إلى أن فشل بريغوجين لا يعني أن تمرده لن يكون له عواقب وخيمة على الرئيس فلاديمير بوتين.
يتمثل الدرس الأول في أن بريغوجين لم يعمل على حشد الدعم السياسي اللازم قبل أن يقوم بتلك المغامرة. وعندما وصل إلى مسافة 200 كيلومتر من العاصمة الروسية، أدرك أنه لا يستطيع المضي قدمًا دون خطر وقوع كارثة نهائية. وبالتالي، يمكن اعتبار فشل بريغوجين كان سياسيًا في المقام الأول.
وعلى الرغم من ذلك، لم يواجه بريغوجين وقواته مقاومة حقيقية على الأرض، حيث تقدمت قافلته دون أي اشتباكات يُذكر. ويشير فيركويل إلى عدم اهتمام السكان والسلطات المحلية بما يحدث، وهناك معلومات تشير إلى أن فرقة من الجيش الروسي أعلنت ولائها لبريغوجين في ذلك اليوم.
الدرس الثاني هو أن هذا الحدث كان إهانة لبوتين أمام الشعب الروسي ومرؤوسيه وحلفائه وأعدائه على حد سواء، وكانت أسوأ إهانة لشخصه. فقد استطاعت مجموعة عسكرية، تهدف صراحة إلى إزاحته عن السلطة، قطع مسافة 800 كيلومتر نحو موسكو، مما يشير إلى ضعف بوتين بشكل واضح.
والدرس الثال
ث يتمثل في أن تأثير هذه المغامرة على الجيش الروسي لم يكن فوريًا، لكنه ليس ضئيلًا أيضًا. على الرغم من أن الموارد العسكرية لم يتم تحويلها من الجبهة الأوكرانية لحماية موسكو، إلا أن الشك ساد في التسلسل القيادي العسكري على مدار 24 ساعة. وقد تسببت تمرد وتحدٍ صريح من قائد عسكري روسي ناجح في أوكرانيا في رفع معنويات الجنود الأوكرانيين وإشعال الشك في القادة الروس.
الدرس الرابع هو أن زعماء الدول الأخرى استغلوا هذا الحدث للظهور بمظهر القوة أو الحياد. فقد استفاد رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، من الظهور كرجل قوي في هذا الوقت. بينما امتنع رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، عن التورط في المسألة وعرض المساعدة.
أما الدرس الخامس، فهو أن نواة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي تعرضت لتصدع علني. فبالرغم من أن وساطة لوكاشينكو تجنبت حدوث حمامة دم روسي، إلا أن اللجوء إلى الحليف البيلاروسي سيكون له تكلفة دبلوماسية على بوتين. وبالفعل، لقد تكبد بوتين تكلفة سياسية كبيرة، حيث بدأ يُنظر إليه على أنه رئيس دولة منقسمة تم تعكير بوصلتها للتو.