من هو الفيلسوف المتمرد وما قصة تكفيره؟
باروخ سبينوزا، فيلسوف هولندي من أصل يهودي، عاش في القرن السابع عشر. في عام 1656، أصدر المجلس الديني اليهودي في أمستردام فتوى بتكفيره وطرده من الطائفة. اتُهم بالزندقة والكفر والخروج على عقيدة الملة.
نص الفتوى كان قاسياً للغاية، حيث جاء فيه: “لعنه الله في الليل والنهار، إلى أبد الآبدين”. فما الذي دفع رجال الدين لإصدار مثل هذه الفتوى الشديدة؟
ما هي أسباب التكفير؟
يمكن تلخيص أسباب تكفير الفيلسوف في النقاط التالية:
- اطلاعه على الفلسفة الحديثة، خاصة فلسفة ديكارت.
- اختلاطه بالأوساط المسيحية الليبرالية المستنيرة.
- انقطاعه عن التردد على الكنيس اليهودي وأداء الطقوس الدينية.
- رفضه لبعض العقائد اليهودية الأساسية مثل فكرة “شعب الله المختار”.
- دعوته للتحرر من القيود الدينية والطائفية.
كيف أثرت أفكاره على عصره؟
أحدثت أفكار هذا الفيلسوف ثورة فكرية في عصره لعدة أسباب:
- دعا إلى الانفتاح والخروج من الانغلاق الطائفي.
- نادى بالتدين العقلاني بعيداً عن التعصب الأعمى.
- أكد على المساواة بين البشر ورفض فكرة التفوق العرقي أو الديني.
- دشن نموذج المثقف الحر المتحرر من القيود الطائفية.
- مهد الطريق لحركة التنوير في أوروبا.
لماذا لا تزال فتوى التكفير سارية حتى اليوم؟
رغم مرور حوالي 400 عام على صدور الفتوى، إلا أنها لا تزال سارية للأسباب التالية:
- رفض الحاخامات المتشددين إلغاء الفتوى.
- اعتبار بعض المفكرين اليهود الفيلسوف خائناً لشعبه وتراثه.
- عدم تقديمه التوبة أو طلب رفع الفتوى في حياته.
- الخوف من أن إلغاء الفتوى يعني الموافقة على أفكاره.
كيف ينظر الفلاسفة المعاصرون له؟
تتباين آراء الفلاسفة المعاصرين حول هذا المفكر:
- آلان باديو يعتبره نموذجاً للمثقف الحر المتحرر من القيود الطائفية.
- إميل ليفيناس يراه خائناً لشعبه وتراثه.
- جان كلود ميلنر يعتبره عدواً لذاته ولليهود.
ما هو تأثيره على الفكر التنويري؟
كان لسبينوزا تأثير كبير على الفكر التنويري من خلال:
- تدشين القيم الكونية التي تتجاوز الطائفية والعنصرية.
- التمهيد لأفكار فلاسفة الأنوار مثل فولتير وكانط وهيغل.
- المساهمة في صياغة مبادئ حقوق الإنسان والمواطنة.
- الدعوة إلى التفكير الحر والنقدي.
ما هي الدروس المستفادة من قصته؟
يمكن استخلاص عدة دروس من قصة هذا الفيلسوف:
- أهمية الحرية الفكرية والتحرر من القيود الطائفية.
- ضرورة مواجهة التعصب والانغلاق الفكري.
- إمكانية الجمع بين الهوية الدينية والتفكير النقدي.
- أهمية تبني القيم الإنسانية الكونية.
- ضرورة مراجعة الأفكار الموروثة وعدم قبولها دون نقد.
تبقى قصة سبينوزا نموذجاً ملهماً للمفكرين الأحرار في كل زمان ومكان. فرغم مرور أربعة قرون على تكفيره، لا تزال أفكاره حية ومؤثرة في الفكر الإنساني. ولعل الدرس الأهم من قصته هو أن الحقيقة والحرية الفكرية أقوى من كل محاولات القمع والتكفير.
كما أفادت مصادر “نافذة نيوز”، فإن هذه القصة تفتح الباب لإعادة النظر في العلاقة بين الدين والفلسفة، وتدعونا للتفكير في كيفية بناء مجتمعات أكثر انفتاحاً وتسامحاً. فهل آن الأوان لرفع فتوى التكفير وإعادة الاعتبار لهذا الفيلسوف كأحد أهم المفكرين في التاريخ؟
في النهاية، تبقى أفكار هذا المفكر منارة للباحثين عن الحقيقة والحرية الفكرية، وتذكرنا بأن الفكر الحر لا يمكن تقييده بفتاوى أو حدود طائفية. فمهما طال الزمن، تبقى الأفكار المستنيرة حية في ضمير الإنسانية
اطلع علي مقالات (قسم الاقتصاد)
اعلان: تسوق بذكاء اختر مجوهراتك بذكاء من كلوفر للمجوهرات